يشبّه البعض شبكة الميتافيرس بصفتها مستقبل الإنترنت بعوالم فيلم «الماتريكس» (The Matrix) الشهير حيث يكون العالم عبارة عن محاكاة رقمية يرتبط بها الجميع،
وهي متقنة الصنع بحيث لا يعرف أحد تقريباً أنها ليست حقيقية.!
إن الميتافيرس لم يصل لتلك المرحلة المرعبة من الواقعية بعد ، بل في ظل التجربة والتطوير،
لكن هذا يعني بالتأكيد أن لديه القدرة على التطور إلى شيء غامر بشكل خيالي وغير مسبوق..،
كما تقول الكاتبة مونيكا جي وايت في مقالة لها نشرتها منصة “ديجيتال تريندز” (digital trends) حديثاً.
علي ما يبدوا أن الأمر برمته خيالي، فقد انتشرت الافتراضات بشأن كون واقعنا الحقيقي ميتافيرس من نوع ما،
بل وقدم العلماء أدلة علي الطبيعة الهولوغرافية لواقعنا بالفعل، مما يتركنا في حيرة بين الخيال العلمي المعاش ومعتقداتنا الخاصة حول طبيعة عالمنا.
في كل الأحوال؛ يعد الميتافيرس هو الثورة التكنولوجية الكبري التالية،
تطور؛ يوفر بيئة افتراضية ثلاثية الأبعاد تسمح للناس بالتفاعل مع محيطهم،
وكذلك مع بعضهم بعضاً بسهولة وواقعية تكنولوجية أكبر، وهذا يعني بناء نظام بيئي رقمي جديد تماماً.
لذلك كان من المتوقع أن تكون التقنية أداة جذب للشركات الكبرى والصغرى والناشئة لتكون جزءاً من هذا المستقبل،
ولأخذ حصتها من سوق يتوقع أن يبلغ حجمه تريليونات الدولارات خلال أعوام قليلة.
في خلال السنة الماضية بالفعل شهدنا منافسة محتدمة بين الشركات المطورة لأجهزة الميتافيرس،
والتي تطورت بشكل جنوني، وأتت بأفكار جعلت أحدث معدات الميتافيرس تهديد حقيقي لحياة المستخدمين.
كذلك خرجت المنافسة من دائرة منصات الألعاب والواقع المعزز والافتراضي، لمنصات التواصل بل وحتي المنصات الخاصة والحكومية!
علي أي حال، فإن مركز هذه المقالة، يتمحور حول معسكرين كبيرين يتصارعان على مستقبل شبكة الميتافيرس وكيف ستبدوا وستكون.
لمن الربح بالنصيب الأكبر يا تري؟
لماذا الاستثمار في شبكة الميتافيرس؟
علي الرغم من أن الثورة الصناعية الرابعة تعرض فرصاً كثيرة للاستثمار والربح في مجالات كثيرة؛
مثل الحوسبة السحابية، والأمن السيبراني، والرعاية الصحية عن بُعد، وغيرها من الخدمات التكنولوجية المتطورة،
ولكن كل هذا لا يقارن بما يعرضه الميتافيرس من فرص،
كما يؤكد ماثيو بول الرئيس التنفيذي لشركة رأس المال الاستثماري «إيبليون» (Epyllion) في حديث له مع شبكة «بلومبيرغ نيوز» (Bloomberg News) إذ قال:
« إن هذه فرصة تراوح بين 10 تريليونات إلى 30 تريليون دولار في غضون عقد أو عقد ونصف عقد من الزمان.!».
ولأجل فرص الاستثمار المغرية تلك؛ تتسابق الشركات في جميع أرجاء العالم للدخول في هذا العالم الجديد،
بل تتصارع بشراسة كذلك لفرض وجودها ورؤيتها لميتافيرس المستقبل.
وفي هذا السياق كذلك، أعلنت شركة «فارجو رياليتي كلاود» (Varjo Reality Cloud) أخيراً انتهاء العمل بنسختها التجريبية الخاصة بالميتافيرس،
وهي الآن في طور الإصدار الكامل.
وتختلف نسخة «فارجو» اختلافا كبيرا عن نسخة شركة « ميتا Meta » (فيسبوك سابقاً) من الميتافيرس،
علي سبيل التوضيح.. عالم الميتافيرس في شركة ميتا يركز على المستهلك والإيرادات،
ويُحدّد من خلال قيود الأداء وطريقة الاستعمال مثل ضرورة وجود سماعات أو نظارات «أوكولوس» الخاصة للدخول إلى الميتافيرس،
في حين يركز نهج شركتي «فارجو-إنيفيديا» (Varjo-Nvidia) على الأداء.. فالأداء هو الملك،
والأعمال التجارية تأتي في المقام الثاني، وذلك كما يوضح الكاتب روب إندرلي المتخصص في شؤون التكنولوجيا في مقالة له،
نشرتها منصة «تيك نيوز وورلد»(Tech News World) حديثاً تناول فيها معالم الصراع على مستقبل الميتافيرس،
والفروق بين نسخ كل من شركات ميتا و فارجو-إنفيديا من الميتافيرس.
لماذا تركز ميتا-ميتافيرس علي المستهلك ؟
يشير الكاتب روب إندرلي إلى أن شركة ميتا تركز على تنفيذ رؤية وقرار مؤسسها ومديرها التنفيذي مارك زوكربيرغ بعد حسم النزاع داخل الشركة بين رؤيتين مختلفتين،
حيث كانت قيادات الشركة الأخرى تسعى للتركيز على الجودة العالية،
وذلك على عكس ما كان زوكربيرغ يريده وهو التركيز على القدرة على تحمل التكاليف من قبل المستهلكين،
ومن الواضح تقريباً أن رؤية زوكربيرغ هي التي انتصرت في النهاية.
حيث يعدّ ثمن نظارة أوكولوس من شركة ميتا مقبولاً و جيداً لكثير من المستهلكين فهو لا يزيد على 300 دولار،
وهذا أمر جيد لكثير من الألعاب، ولكن عندما يتعلق الأمر بالدخول إلى الميتافيرس فإن النتيجة تبدو كرتونية ومشوشة من حيث الجودة،
وبعيدة كثيراً عن تحقيق الهدف الأساسي من الميتافيرس الذي يتطلع إليه الجمهور..،
بأختصار نظارة أوكولوس لا تتمتع بالأداء اللازم لإنشاء مستوى الواقع الافتراضي اللازم للانغماس فيه،
والانغماس هو ما يتطلع إليه الناس من الميتافيرس، كما يؤكد الكاتب.
علي الرغم من تخوفهم من التقنية وتأثيرها المستقبلي علي حياتهم، فإنهم في توق للانغماس فيها في نفس الوقت!
تقريباً الناس مصابة بأنفصام!
وهناك جانب آخر مزعج جداً في نهج ميتا هو فرض رسوم باهظة على المطوّرين الذين يريدون استخدام «ميتافيرس-ميتا» مقابل امتياز حق التشغيل على نظام ميتا الأساسي،
وهذا بلا شك سيحفز هؤلاء المطورين أو عدداً كبيراً منهم للبحث عن منصات أخرى منخفضة التكلفة لبيع منتجاتهم وتسويقها.
ماذا عن فارجو-إنفيديا ميتافيرس، والتركيز على الجودة ؟
يوضح الكاتب أن شركتا فارجو و إنفيديا ليستا في منافسة مع بعضهما البعض،
حيث تصنع «فارجو» ما يبدو أنه أفضل سماعة واقع افتراضي من الدرجة الاحترافية في السوق،
في حين تركز جهود «إنفيديا» في نسختها الخاصة من شبكة الميتافيرس على تطوير مجموعة أدوات «أومني فيرس» (Omniverse) التابعة لها.
وتعمل موارد ومصادر فارجو Varjo و إنفيديا Nvidia السحابية أيضا على إشراك واستخدام المطورين،
لضمان وجود محتوى وافر على منصتيهما حيث يمكن لكل من المستخدمين والمطورين الوصول إلى هذا المحتوى حسب الحاجة.
وعلى عكس ميتا فإن فارجو وإنفيديا تركزان على توفير الوصول ومساعدة المطورين في هذه المرحلة،
بدلاً من محاولة استنزاف كل فلس منهم كما تفعل ميتا مع الأشخاص والمطورين الذين يريدون العمل على منصتها.
وعلى النقيض من ميتا أيضاً -يؤكد الكاتب- عرضت كل من فارجو وإنفيديا صورا رمزية (أفاتار) لا يمكن تمييزها تقريباً عن الواقع !
باستثناء واحد هو أن أفاتار فارجو الذي يشبه الإنسان كثيراً لا يملك القدرة حتى الآن على إظهار المشاعر.
وفي حين أنها أكثر واقعية من الناحية الرسومية من صور ميتا الكرتونية المتواضعة فإن عدم قدرتها على إظهار المشاعر يقلل من قيمتها،
وهو ما تعمل الشركة على تفاديه في المستقبل، أما «أفاتار» شركة إنفيديا فأكثر قدرة على التعبير وأكثر واقعية.
وهذا يعني أن الشركتين، عند تعاونهما معاً، يمكن أن تساعد كل منهما الأخرى في حل المشاكل التي تواجههما،
ومن خلال العمل معا سيضمنان التفوق للوصول إلى «الميتافيرس الفائقة الواقعية» (hyper-realistic metaverse) التي يسعى الجميع لتحقيقها.
في النهاية؛ عالم الميتافيرس قادم ما من شك في ذلك الآن، ولكن أي نسخه هي التي ستسود ؟
وكيف سينتهي الصراع بين عمالقة التكنولوجيا للحصول على الحصة الكبرى من نقود وجيوب المستخدمين في شتى أرجاء العالم ؟ سؤال نتركه للزمن..
مقال كويس شكرا ☀☀👌
مقال ممتاز جدا ✨✨🌹