ما زال العلم يُبهرنا بالكثير من التطورات والانتقالات العلمية المتسارعة التي عجزت عقولنا عن تصديقها، لولا وجودها واقعاً يلامس الكثير من مناحي حياتنا والتي أصبح أغلبها بل الكثير منها تكنولوجياً بامتياز.
ومن أبرز هذه التطورات التكنولوجية كانت “الميتافيرس- metaverse”، باعتبارها بيئة رقمية وعالماً افتراضياً شاملاً للعديد من النواحي الحياتية، تعتبر الميتافيريس مجموعة من المساحات الافتراضية، حيث يمكنك أن تبدع وتستكشف مع أشخاص آخرين ليسوا معك في الغرفة ذاتها، بوسعك التسكع مع الأصدقاء والعمل واللعب والتعلم والتسوق والإبداع وأكثر من ذلك.
ما هو الميتافيرس ؟
يعد الميتافيرس أحد المصطلحات المستجدة في العالم التكنولوجي الواسع والتي تتكون من مصطلحين، أولهما “ميتا- meta” بمعنى “ما وراء أو الأكثر وصفاً”، وثانيهما “فيرس- verse” بمعنى “الكون أو العالم”.
وبتجميع المصطلحين يتولد لدينا الميتافيرس بمعناها “ما وراء الكون أو ما وراء العالم”، ويطلق عليها أيضاً العالم الافتراضي.
والافتراضية هنا تعني العالم غير الواقعي الذي يعتمد بشكل كبير على الرقمية بالأبعاد الثلاثية.
اقرأ أكثر حول الميتافيرس من هنا: ما هو الميتافيرس؟
متى ظهر مصطلح الميتافيرس؟
يمكننا القول بشكل نسبي بأن الميتافيرس هي مصطلح حديث في عالم التكنولوجيا الافتراضية، خاصة بعد اعلان “مارك زوكربرج” مؤسس تطبيق فيس بوك المجاني عن تغيير اسم شركة “الفيسبوك “الأم إلى “ميتا”.
هنا بدأ الجميع بالتعرف على هذه المصطلحات وأصلها وما تعنيه داخل العالم التكنولوجي، فوجد البعض أن هذا المصطلح “ميتافيرس” قد استحدثه للمرة الأولى عام 1992 الكاتب الأمريكي “نيل ستيفنسون” في روايته “سنو كراش” التي كانت تظهر شخصيات الرواية كأفتارات يمكنها الانتقال من العالم الحقيقي إلى العالم الافتراضي.
وقد اشتهر هذا المصطلح في مجال الألعاب، قبل أن يظهر من جديد في عالم الأعمال والتكنولوجيا وأصبح الاهتمام فيه محط أنظار الكثيرين.
تعريف الميتافيرس حسب شركة ميتا
وضعت شركة ميتا “فيسبوك سابقاً” تعريفاً لمصطلح “الميتافيرس”، مستوحى من واقع عملها وطبيعة خدماتها، وهو: “مجموعة من المساحات الافتراضية، حيث يمكنك أن تبدع وتستكشف مع أشخاص آخرين ليسوا معك في الغرفة ذاتها، بوسعك التسكع مع الأصدقاء والعمل واللعب والتعلم والتسوق والإبداع وأكثر من ذلك”.
يمكننا القول بأن “الميتافيرس” عبارة عن مجتمعات افتراضية، بحاجة لأفتارات يمكنها الانتقال من العالم الواقعي إلى الافتراضي بواسطة أدوات وأجهزة معينة.
كيف ندخل إلى عالم الميتافيرس؟
عند الحديث عن العوالم فلابد من الحديث عن ثلاثة من العوالم، وهي:
أولاً: العالم الواقعي
وهو عالمنا الحقيقي الملموس الذي نحياه جميعنا.
ثانياً: العالم الرقمي ثنائي الأبعاد
ويشمل هذا العالم التطبيقات الحالية التي يستخدمها الأغلبية منا في الأعمال والتجارة والترفيه وغير ذلك.
ثالثاً: العالم الافتراضي “الميتافيرس”
وهو العالم المستجد الذي يركز بشكل أساسي على الأبعاد الثلاثية الرقمية، ولا يحتاج هذا العالم إلى الانتقال المكاني بل يتطلب الأمر منك كمستخدم لهذا العالم الدخول وفق أدوات معينة تمكنك من التواصل والشعور بالأشياء بأبعادها الثلاثية داخل عالم افتراضي غير ملموس.
وبطبيعة الحال فإن لكل عالم من هذه العوالم الثلاثة طريقة دخول تسمح للشخص الاستفادة من مزايا كل عالم، فالعالم الحقيقي يبدأ بولادة الشخص، أما العالم الثاني يبدأ من تسجيلك بأحد تطبيقات ومواقع هذا العالم.
كيف أدخل الميتافيرس؟
لكن الدخول لعالم الميتافيرس الحماسي، يتطلب من المستخدمين التالي:
1. القيام بشراء بعض الأجهزة مثل: سماعات الرأس الواقع الافتراضي التي تعمل على نقلهم من الواقع إلى الافتراضيات دون الحاجة للنقل المكاني والجسدي، وقامت بعض الشركات بإنتاج سماعات خاصة بها لغرض الميتافيرس، فقد استخدمت شركة “فيسبوك سماعات ” Oculus”، فيما تستخدم شركتي سامسونج وإتش بي HP السماعات الخاصة بهما.
2. ربط السماعات بالانترنت للتمكن من الدخول لعالم الميتافيرس.
3. يمكن للشخص المستخدم صنع الأفتار الخاص به وفقاً للمواصفات التي يرغب بها.
4. من المهم جداً وضع كلمة أمان خاصة بكل شخص يستخدم الميتافيرس وذلك حفظاً للخصوصيات.
مزايا وسلبيات الميتافيرس
كما ذكرنا سابقاً أن عالم الميتافيرس هو عالم مستجد في العوالم الرقمية، الأمر الذي يجعله محط جدل ما بين قبول الميتافيرس والتعامل معه وبين كونه خطراً وربما يثير العديد من المشاكل.
ونحن هنا نضع بين أيديكم مزايا الميتافيرس وسلبياتها، لتتكون لديكم صورة تساعدكم على قبول الميتافيرس أو رفضها.
أولاً: مزايا الميتافيرس
1. إزالة الحواجز الجغرافية والقضاء على المساحة المكانية والحدود بين الأشياء، فمبجرد الدخول للعالم الافتراضي تزول كل الحواجز ويصبح المكان أمراً غير هام، ويكون التركيز الأكبر على البقاء مع أشخاص يشاركوك نفس اهتماماتك.
2. مغامرة جديدة تستحق التجربة، حيث يمكن من خلال عالم الميتافيرس العمل واللعب وقضاء الوقت الممتع داخل عالم افتراضي ثلاثي الأبعاد، هل ترى كم هذا ممتع؟؟
3. إلغاء التقارب المكاني المادي، خاصة مع ظهور فيروس كورونا حيث تم تنفيذ جميع الأعمال واللقاءات والاجتماعات عن بعد من خلال برامج خاصة تتطلب اتصالاً بالانترنت وكاميرا ومايكرفون جيد، لكن الميتافيرس تختلف عن تجربة كورونا من حيث القدرة على إقامة الحفلات والاندماج داخل الحدث المقام وكأنه واقع.
4. سيعمل على التقارب الكبير بين منصات التواصل الاجتماعي، كما أنه سيعمل على تغيير أسماء بعض المنصات كما فعلت شركة فيسبوك بتغيير اسمها إلى “ميتا”.
5. خلق فرص عمل جديدة، مع ظهور مصطلح الميتافيرس أخذ العديد من الأشخاص البحث عن هذا العلم وكيفية استخدامه في أعمالهم وتجارتهم، كما أخذ البعض التعرف عليه عن قرب للحصول على وظيفة داخل هذا العالم كما حدث مع العمل الحر.
6. المساعدة على تحسين وتطوير العملية التعليمية خاصة بعد تجربة كورونا والتعلم عبر برنامج الزووم Zoom، فيمكن استغلال هذا العالم لإيصال الأفكار بشكل أسهل والسيطرة على العملية التعليمية أكثر مما هو عليه الحال الآن.
7. التأثير الإيجابي على العملات الرقمية و إن إف تي NFTs ( اقرا أكثر عن الرموز غير القابلة للاستبدال من هنا: ما هو إن إف تي؟) من خلال دمجه بالعالم الافتراضي بهدف الحصول على الأمان والثقة الأكبر، حيث تعمل العلامات التجارية لشركة رموز الميتافيرس NFT metaverse على دعم وتطوير فكرة استخدام إن إف تي NFTs كأفعال للممتلكات والأصول الأخرى سواء في الواقع أو العالم الرقمي.
8. تحسين وتطوير الألعاب، حيث أن الألعاب كانت هي المجال الأول لاستخدام الواقع الافتراضي، فاعتمادها سيعمل على تطوير الألعاب وإضافة الإثارة والحماس عليها، مما يزيد من فرص إقبال الأشخاص على تجربة الألعاب بالطريقة المستحدثة.
9. فتح المجال لطرق جديدة لكسب المال، ذكرنا بالأعلى أن هذا العالم سيخلق فرص عمل جديدة للأشخاص لكن هنا نتكلم عن صنع المال من خلال اللعب داخل الميتافيرس حيث يتم مكافئة اللاعبين بالمال أو برموز إن إف تي NFTs، كما أن بعض الأشخاص سيقومون بشراء عقارات افتراضية من خلال معرفة سعرها والقيام بشرائها.
10. تحسين بيئة العمل، حيث يمكن للشخص القيام بأداء عمله من المنزل، فكما ذكرنا أن العالم الافتراضي لدى العالم الافتراضي يلغي المكان، فوجود سماعات ونظارات الميتافيرس والدخول لنظام محاكاة ثلاثي الأبعاد من داخل المنزل يساعد على توفير الراحة التي يحتاج لها الموظف مما يزيد من انتاجيته.
ثانيا: سلبيات الميتافيرس
1. التحدي الكبير يتعلق بالقضاء على الخصوصية، فيذكر “برنارد مار” العالم المستقبلي والرئد في مجال التكنولوجيا والأعمال، بأن التكنولوجيا التي تتعقب سلوكنا عبر الانترنت الآن ستكون موجودة في هذا العالم، وربما يكون التعقب أكثر شدة وعمق. فمثلاً: سماعات الرأس تحتوي تقنية تتبع العين حيث يمكن للمعلينين معرفة ما نبحث عنه داخل تجربة العالم الافتراضي، وربما تسعى بعض الشركات لدراسة ردود فعل الأجسام مما يساعدها على جمع معلومات كبيرة عن الأشخاص مستخدميه.
2. صعوبة مراقبة الأطفال، وعدم معرفة ما يشاهدونه عبر هذا العالم الافتراضي وهذا أمرٌ مقلق بالفعل.
3. صدمة العودة من العالم الافتراضي إلى الواقع ربما تؤثر على صحة الأشخاص وخلق صدمة بسبب وجود فجوة بين العالمين حيث يمكن للشخص اختيار ما يريد ويحب، بخلاف الواقع.
4. صعوبة الحصول على سماعات الأذن والنظارات الخاصة بالدخول إلى عالم الميتافيرس بسبب ارتفاع تكلفتهما، مما يجعل الأمر غير عادل بالنسبة للأشخاص الذين يودون تجربة هذا العالم ولا يملكون المال.
5. الألعاب داخله تتطلب اللمس والحركة والشعور بما يحدث داخل اللعبة، فلو قام أحدهم بضربك أو خنقك فلن تشعر بذلك بسبب إزالة حساسية الواقع الافتراضي، تخيل لو قام أحدهم بتجربة خنقك على الواقع ظناً من أنك لن تشعر بالألم كما في الداخل!!
6. زيادة الجرائم الالكترونية وخاصة سرقة الهوية والتي يمكن تسميتها بقرصنة الهوية، حيث يمكن لأحدهم احتلال هويتك وتغيير عالمك الافتراضي وربما يلحق تأثير ذلك على الواقع.
أصبح واضحاً لدى الجميع ما هي الميتافيرس وكيف يمكننا الدخول لهذا العالم الرقمي ثلاثي الأبعاد، وما هي إيجابيات عالم الميتافيرس وسلباته على المستخدمين وعالمنا الواقع.
والآن بعد أن تعرفت على عالم الميتافيرس الافتراضي، هل ترغب في الدخول إليه وخوض التجربة الجديدة التي تتيح لك خلق عالمك والانتقال بين الواقع والعالم الافتراضي؟
5 رأي حول “ما هو الميتافيرس في 6 نقاط سهلة وسريعة.”
التعليقات مغلقة.