يعد تداول العملات الرقمية أحد الطرق الربحية الأكثر رواجا بين المستثمرين في نظام المال اللامركزي.
فهو يقوم أساسا على اقتناص الفرص الربحية التي تنشأ جراء اضطراب أسعار العملات الرقمية، فيستفيد المتداول من تباين السعر بين هبوط العملة وصعودها.
وهذا المقال يعرض بعض التحديات التي يواجهها المتداولون من حيث تعاملهم مع منصات التداول، وأيضا من حيث الوضع الحالي الذي يعيشه سوق العملات الرقمية.
وما يعصف بهذه السوق من تحديات كبيرة، وربما حتى وجودية! مما قد يجعل أموال المستثمرين في خطر محذق.
ما هي مشاكل تداول العملات الرقمية في منصات التداول الرقمية؟
لاشك أن نظام المال اللامركزي والتشفير الرقمي يتطور بسرعة كبيرة ومثيرة للاعجاب.
غير أن مجموعة من التحديات لا تزال تشكل مشاكل حقيقية في الاستثمار في هذه السوق، خصوصا في عمليات التبادل.
حيث يتردد الكثير من الناس في الاستثمار في تداول العملات الرقمية نتيجة للمشاكل التي تعترضهم في منصات التبادل الرقمية، والتي قد تؤدي بهم لخسارة أموالهم في هذه السوق.
وتتلخض هذه المشكلات في عدم وجود القدر الكافي من الأمان في هذه المنصات، وأيضا نقص السيولة.
إلى جانب الرسوم و التكاليف الباهضة لعمليات التداول.
الافتقار للأمان الكافي في تداول العملات الرقمية
إن عدم توفر الأمن الكافي هو أكبر هذه التحديات التي يواجهها المتداولون للعملات الرقمية، خصوصا وأن منصات العملات الرقمية عرفت مجموعة من الإختراقات المتكررة.
وآخرها الاختراق الذي عرفته منصة Binance في الأسابيع القليلة الماضية.
وهذه الاختراقات تكلف المنصات تكاليف كبيرة جدا، وتجعل معلومات المستثمرين الشخصية في خطر إحتمال الاختراق؛ وبالتالي انتشار عمليات الاحتيال.
الرسوم المرتفعة لتداول العملات الرقمية
إلى جانب خطر القرصنة، هناك خطر آخر لا يشجع كثيرا على الاستثمار في هذه السوق وهو رسوم التداول المرتفعة.
حتى لو كان المتداول يتداول العملات الرقمية ويخسر، يتم أخذ جزء معين من نشاط أوامره كعمولة عن كل معاملة يقوم بها في المنصة.
فالمنصة لا تنظر فيما إذا ربح المتداول أم لا، وهذا ما جعل الكثير يتحفظون عن هذه السوق.
صحيح أن العديد من البورصات تقدم عروضا مغرية لمجرد المشاركة، لكن هذه الجوائز لا تكفي أبدا للقضاء على المشكلة.
تحدي نقص السيولة
يعتبر نقص السيولة من المشكلات التي تعرض على تداول العملات الرقمية، فسيولة السيوق أمر بالغ الأهمية، وغالبا ما ترتبط بمخاطر أقل.
وهذا يعزز الظروف المواتية للاستثمار الناجح، مما يجذب المستثمرين.
والأمر المؤسف، أن بورصات التداول مفتقرة للسيولة؛ فحسب موقع CNBC تتيح البورصات المركزية ما يقرب من 99 في المائة من جميع معاملات العملة الرقمية.
مما يشير إلى أنها مسؤولة عن الغالبية العظمى من نشاط التداول. وفي مقابل ذلك تفتقر البورصات اللامركزية أحيانًا إلى السيولة بسبب نقص الحجم.
مما يجعل من الصعب تحديد مكان المشترين والبائعين عندما تكون أحجام التداول منخفضة.
عدم وجود مراكز المساعدة
يشتكي المتداولون أيضا من عدم وجود مركز المساعدة في العديد من منصات العملات الرقمية، الذي يلجأون إليه في حالة واجهتهم مشكلة ما، أو أرادوا استفسارا حول أمر ما.
وإتاحة المساعدة للمستثمر من شأنه أن يطمئن الكثير من المترددين في ولوج هذه السوق.
ويتطلب الأمر توظيف البورصة لموظفين يهتمون برسائل المتادولين، ويقدون لهم المساعدة.
وينضاف لكل هذه المشاكل، أن المنصة قد لا تكون سهلة في الاستخدام، مما يثير إستياء العديد من المتداولين في العملات الرقمية.
فيجب أن تكون المنصة سهلة الاستخدام إذا أرادت جذب المستثمرين.
تحديات وجودية تلوح في الأفق!
المشاكل المتقدمة متعلقة بمنصات تداول العملات الرقمية؛ كما نأمل أن تحل بمزيد من التطورات التقنية في هذا المجال.
غير أن هناك مشاكل وتحديات هائلة تواجه المتداولين ليس بسبب المنصات بل بسبب الوضعية الراهنة لسوق العملات الرقمية التي لا تبدوا جيدة.
ومن ذلك الاضطراب الكبير الذي تشهده أشهر عملة رقمية ” البيتكوين “؛ فبعد عقدها الزاهر، بدأت موجات اضطراب كبيرة تعصف بها.
وهذا ليس من صالح الذين يستثمرون في اذخار العملات الرقمية، فقد يتكبدون خسائر فادحة عوض الأرباح الطائلة التي يأملونها.
وحسب موقع CNBC فإن البيتكوين عانت في فترة الوباء أكثر من الأسهم والسندات.
وهذا يمثل خطورة كبيرة؛ لأنه يضرب فيما يسوق بـأن نظام المال اللامركزي هو الملاذ الآمن. فالتجربة كشفت أن هذه الدعوى ليست في محلها؛ فقد فشل في مكافحة التضخم عند مواجهة تقلبات السوق الفعلية.
مشاكل متعلقة بالESG:
تطرح العملات الرقمية أيضا مشاكل متعلقة ب ESG، وهي مشاكل على مستوى البيئة والمستوى الاجتماعي، ومستوى الحكامة المالية.
فعلى مستوى البيئة؛ فإن تعدين العملات الرقمية والتحقق من صحتها يستهلك طاقة كبيرة، قال بعض الخبراء أنها نسبة كافية لمنزل أمريكي عادي لمدة شهرين!
صحيح أن هناك تصدر لبرنامج ايثيريوم الذى يقلل من نسبة استهلاك الطاقة؛ غير أن الكثير من عمليات التشفير لا تزال تعتمد على الطاقة بدرجة أساسية.
إقرأ أيضا: ايثيريوم إلى أين؟ هل سنقول وداعًا إلى البيتكوين؟.
وعلى مستوى الحكامة فإن اللامركزية التي تقوم عليها هذه لا توفر الظروف المواتية لوجود حكامة مالية تضمن سلامة هذه السوق،.
فهي تغري دوما أصحاب النشاطات الغير مشروعة، وغسيل الأموال، والتهرب من العقوبات.
العملات المستقرة تواجه خطرا وجوديا
تواجه العملات الرقمية المستقرة خطرا وجوديا مع دخول عملات البنوك المركزية الرقمية عالم التشفير.
ذلك لأن الدولار الرقمي أو اليورو الرقمي، أو غيرهما من العملات المركزية ستوفران جميع الوظائف التي توفرها العملات الرقمية اللامركزية؛ بل ستكون أكثر أمانا.
وهذا قد لا يكون بعيدا؛ فقد أطلقت الصين بالفعل عملة إلكترونية تُعرف باسم اليوان الرقمي، أو e-CNY. ولا شك أننا سنرى من سنة2023 الكثير من الدول تنحوا نحوها؛ فالأمر ليس بعيدا جدا.
وتواجه هذه السوق أيضا تحدي عدم التنظيم الذي يخلق حالة من عدم اليقين عند المستثمرين في تداول العملات الرقمية.
فليس هنالك تنظيم واضح وموحد للعملات الرقمية وهذا مصدر قلق هائل خصوصا لدى المستثمرين على المدى الطويل.
إن التحديات المتعلقة بمشاكل منصات العملات الرقمية التي يواجهها المتداولون يمكن تجاوزها بفضل التطور الكبير الذي يعرفه هذا المجال يوما بعد يوم.
غير أن التحديات الأخرى قد يكون تجاوزها صعبا وربما مستحيلا! هل نحن أمام منعطف حاسم في سوق العملات الرقمية؟ ما رأيك أنت؟